المقالات
تحديات البدانة عند الأطفال: هل الحمية الغذائية هي الحل؟
شهدت السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في معدلات البدانة بين الأطفال، مما انعكس سلباً على صحتهم العامة ونوعية حياتهم، نظراً لما تسببه من مشاكل بدنية ونفسية واجتماعية، وهو ما يستدعي ضرورة توعية الأهالي بمخاطرها والتدخل المبكر لعلاجها، وفي هذا المقال نتعرف معاً على أسباب البدانة عند الأطفال وما هي سبل الوقاية والعلاج الممكنة؟
تعرف البدانة بأنها تراكم دهون مفرط غير طبيعي مؤذي للجسم، وهي مرحلة متقدمة عن زيادة الوزن، وبحسب مقياس مؤشر كتلة الجسم BMI (Body Mass Index)، يعتبر الطفل ذو وزن زائد في حال كان المؤشر (85-95)، في حين يعاني الطفل من البدانة في حال زاد المؤشر عن 95%، مع الأخذ بعين الاعتبار متغيرات الجنس والعمر.
أسباب البدانة عند الأطفال
توجد العديد من الأسباب التي تجعل الأطفال يعانون من البدانة؛ يأتي في مقدمتها تلك التي تؤدي إلى تراكم الدهون الزائدة عندما يتجاوز إنتاج الطاقة إجمالي استهلاكها، ومن هذه الأسباب:
- انخفاض عدد ساعات نوم الطفل: أثناء النوم يُفرز جسم الطفل هرمون النمو الذي يسيطر على هرمونات الجوع والشبع، مما يساعد على تحقيق وزن صحي للطفل وتجنب مشاكل زيادة الوزن في المستقبل.
- قلة النشاط الفيزيائي: والتي تنتج عن زيادة عدد الساعات التي يقضيها الطفل على الهاتف المحمول أو التلفاز أو الحاسب.
- الاعتماد على الحليب الصناعي بدل الإرضاع الطبيعي خاصة خلال الأشهر الستة الأولى من حياة الطفل.
- العادات التغذوية السيئة: والتي يأتي في مقدمتها تناول الكثير من الوجبات الخفيفة كالحلويات والسكاكر والبسكويت والمشروبات الغازية، والتي تمنع الطفل من تناول الوجبات الرئيسية.
- الاستعداد الوراثي وعدة أمراض تترافق مع البدانة أو زيادة الوزن: مثل بعض المتلازمات الوراثية والأمراض الهرمونية والاضطرابات العصبية، التي تكون فيها البدانة جزءاً من المرض وليست المشكلة الأساسية.
أعراض البدانة عند الأطفال
تسبب زيادة الوزن والبدانة العديد من الانعكاسات الخطيرة على صحة الطفل، وفي مقدمتها ارتفاع ضغط الدم، وفرط الشحوم، ومقاومة الأنسولين، واضطرابات التنفس، ومشاكل عضلية هيكلية كالتهاب المفاصل والعظم، إضافة إلى احتمال الإصابة المستقبلية بعدة سرطانات مثل سرطان الكولون والثدي وبطانة الرحم، ومشاكل نفسية بسبب سخرية الأطفال أو المجتمع المحيط فتكون لها نتائج طويلة الأمد مثل الاكتئاب والعزلة وسوء العلاقات الاجتماعية.
هل يجب خضوع الطفل الذي يعاني من البدانة لحمية (ريجيم) قاسية؟
الجواب لا و بقوة لأن الطفل يكون في مرحلة نمو وأي عوز غذائي سيسبب مشكلة صحية، كما أن حرمان الطفل من بعض الأطعمة سينعكس سلباً على علاقته مع الأهل ومع الطعام و على نظرته لذاته وعلى استقلاليته، مما سيدفعه إلى تناول الطعام بالخفاء أو بكميات كبيرة عندما يتسنى له ذلك.
ومع ذلك يجب السيطرة على الموقف والسعي إلى استقرار وزن الطفل وذلك بتكييف نمط الحياة مع وارد غذائي صحي يسمح للطفل بالنمو و التطور المناسب للعمر.
نصائح لتأمين استقرار وزن الطفل
- ايجاد علاقة ايجابية مع العناصر الغذائية وتجنب كلمة ممنوع وتشجيع تناول مواد غذائية صحية متنوعة، وفي مقدمتها الفواكه والخضار.
- عدم استخدام الطعام كمكافأة.
- تعيين وقت لتناول الوجبات الأساسية والخفيفة، فتعدد الوجبات يمنع الطفل من تخبئة الطعام
- وضع قواعد للأكل بأن يكون جماعي على الطاولة، وعدم تناول الطعام أمام الشاشة مما يلغي إحساس الشبع.
- ممارسة الألعاب ذات النشاط الجسدي كالركض والقفز بما لايقل عن ساعة في اليوم، وتقنين ساعات الجلوس أمام شاشة التلفاز و اللعب بالأجهزة الحديثة إلى ساعتين باليوم بالنسبة للأطفال بين السنتين و الخمس سنوات.
ختاماً:
تعتبر صحة الأطفال مسؤولية كبيرة علينا القيام بها لضمان مستقبل أكثر إشراقاً لهم، ومن هنا يجب الاهتمام بصحتهم منذ مراحل عمرية مبكرة، خصوصاً لجهة تبني عادات غذائية سليمة تستمر معهم حتى بعد بلوغهم مراحل عمرية متقدمة.
الدكتور معروف موصللي
دراسات عليا في طب الأطفال