المقالات

مقاومة الأنسولين: تعرف على أسبابها والنتائج المترتبة عليها

مقاومة الأنسولين: تعرف على أسبابها والنتائج المترتبة عليها

في ظل نمط الحياة الحديث حيث ازداد استهلاك الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون، أصبحت مقاومة الأنسولين واحدة من القضايا الصحية المعاصرة التي تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم، ومؤشراً على إمكانية حدوث اختلالات أعمق في الجسم.
في هذا المقال سنحاول تزويد القارئ بمعلومات تمكنه من تشكيل فكرة صحيحة عن مقاومة الأنسولين، وذلك من خلال الإجابة على الأسئلة التالية:

  • ما هي مقاومة الأنسولين وأسبابها؟ وما النتائج المترتبة عليها؟
  • هل هناك فائدة من الناحية العملية من إجراء تحليل مقاومة الأنسولين؟


يعرف الأنسولين على أنه هرمون تفرزه خلايا بيتا في البنكرياس، يلعب دوراً هاماً في تنظيم سكر الدم، والحفاظ على قيمه ضمن المجال الطبيعي، إضافة إلى العديد من الوظائف الحيوية الأخرى.

ماذا نقصد بمقاومة الإنسولين؟ 
بدأ استخدام مصطلح مقاومة الأنسولين لأول مرة بعد عدة سنوات من البدء باستخدام الأنسولين عام 1922م لعلاج الداء السكري، إذ تم ملاحظة حاجة بعض المرضى لجرعات كبيرة من الأنسولين للسيطرة على ارتفاع السكر في الدم،  واكتشف الأطباء أن هذه المقاومة تطورت تبعاً لتطور أضداد ذاتية للأنسولين الخارجي حيث كان الأنسولين المُعطى للمرضى يستخرج من مصدر حيواني (بقري أو خنزيري)، وقد تراجع تشكل هذه الأَضداد حالياً بسبب الاعتماد على التقنيات الوراثية للحصول على الأنسولين البشري الصنعي.
وبالتالي تُعرَّف مقاومة الأنسولين على أنها: الحاجة لكميات زائدة من الأنسولين للحفاظ على مستوى سكر دم طبيعي، أو أنها انخفاض في استجابة الأنسجة للأنسولين الداخلي أو الخارجي. 

أسباب مقاومة الأنسولين:
تتعدد أسباب مقاومة الأنسولين في الجسم تبعاً لعوامل وراثية وأخرى مكتسبة:

  1. الأسباب الوراثية: تتعلق بطفرات تحصل في مستقبِل الأنسولين أو البروتينات الناقلة داخل الخلايا، وهي نادرة.
  2. الأسباب المكتسبة: وفي مقدمتها: 
  • البدانة التي تعتبر السبب الأهم لتطور مقاومة الأنسولين وخاصة البدانة الحشوية (أي الشحوم المتراكمة في منطقة البطن)، وقلة النشاط البدني.
  • الشِّدَّة الجسدية التي تحدث بعد الجراحات الكبيرة أو الإنتانات الشديدة، وذلك بسبب زيادة هرمونات الشِّدة التي تعاكس عمل الأنسولين مثل الكورتيزول وهرمون النمو والأدرينالين والنورأدرينالين والغلوكاغون.
  • بعض الأدوية مثل الستيروئيدات وحبوب منع الحمل.
  • الحمل.
  • تطور أضداد للإنسولين. 


العواقب السريرية لمقاومة الأنسولين :
ارتبطت مقاومة الأنسولين مع العديد من التظاهرات السريرية وأهمها:

  • اضطراب استقلاب السكر (تطور ماقبل السكري و السكري نمط 2 و زيادة الحاجة اليومية من الأنسولين عند مرضى السكري من النمط 1 ).
  • الأمراض القلبية الوعائية وتطور التصلب العصيدي  وارتفاع التوتر الشرياني.
  • اضطراب استقلاب الشحوم.
  • المبيض متعدد الكيسات وفرط الأندروجين واضطرابات الدورة الطمثية عند النساء.
  • تشحم الكبد.  
  • تظاهرات جلدية مثل : الشواك الأسود Acanthosis nigricans  والزنمات الجلدية skin tags و الثعلبة .Alopicia 
  • بعض الأمراض العصبية التنكسية: مثل داء الزهايمر.
  • بعض الأورام المتعلقة بالبدانة ومقاومة الأنسولين مثل: سرطان الكولون و سرطان الثدي و سرطان باطن الرحم.
     

كيف نشخص مقاومة الأنسولين؟
يتم تشخيص مقاومة الأنسولين عند معظم المرضى من خلال:  الفحص السريري وبعض التحاليل المخبرية المساعدة التي تكشف عن آثار هذه المقاومة حسب حالة كل مريض، إذ يتم قياس الضغط الشرياني وقياس الوزن والطول وتقييم مشعر كتلة الجسم وقياس محيط الخصر، إضافة إلى البحث عن العلامات الجلدية لمقاومة الأنسولين ، وقد نلجأ لبعض التحاليل المخبرية مثل : قياس سكر الدم الصيامي  أو إجراء اختبار تحمل السكر وتقييم الشحوم. 

هل هناك فائدة عملية من إجراء قياس مقاومة الأنسولين ؟ وماهو تحليل مقاومة الأنسولينHOMA-IR؟
يمكن قياس مقاومة الأنسولين باستخدام مجموعة متنوعة من التقنيات ولكن هذه التقنيات قد انحصر استخدامها في مجال الأبحاث والدراسات العلمية، وذلك بسبب صعوبة تطبيقها من الناحية العملية وعدم وجود إجماع على تفسيرها وتعميم نتائجها على البشر.
وأحد هذه  التقنيات التي تم استخدامها لتقييم مقاومة الأنسولين هو تحليل Homa_IR ويعتمد على قياس سكر الدم الصيامي وقياس الأنسولين الصيامي وتطبيق معادلة معينة لحساب مقاومة الأنسولين ولكن لم يوصَ حتى الآن باستخدام هذه المعادلات في الممارسة السريرية ولذلك لعدة أسباب أهمها التغير الذي يحدث مع مرور الوقت في وظيفة خلايا بيتا، إذ يستطيع البنكرياس في البداية التغلب على مقاومة الأنسولين من خلال زيادة إفراز الأنسولين للحفاظ على سكر دم طبيعي، ولكن مع مرور الوقت تعجز خلايا بيتا عن الاستمرار في زيادة إفراز الأنسولين وبالتالي ينخفض هذا الإفراز. 
ولم يتم حتى الآن اعتماد اختبار موحد عالمياً لطريقة قياس الأنسولين ، ولا تتوفر بيانات كافية تشير إلى أنَّ الرقم الناتج سيكون بمثابة مرجع تتم مراقبته ويتحسن مع العلاج، كما أن هناك حالات نادرة من الطفرات في جين الأنسولينتؤدي إلى إنتاج إنسولين  يتمتع بنشاط حيوي أقل من الطبيعي ويمكن قياسه بالقياسات المناعية المخبرية حيث يتوافر بتراكيز عالية في الدم مما يشابه حالة مقاومة الأنسولين (أي يؤدي نتيجة إيجابية كاذبة للHOMA-IR).

ختاماً..
تعتبر مقاومة الأنسولين مشكلة طبية طرأت في المجتمعات ذات النظام الغذائي الصحي السيئ ولكن مع ذلك يمكن للفرد أن يقلل من حدوثها عبر تعديل العوامل التي يمكن التحكم فيها مثل تحسين نظام الحمية الغذائية، وممارسة الرياضة ، وتجنب زيادة الوزن، مما من شأنه تعزيز الصحة بشكل عام وتحسين حساسية الجسم للأنسولين بشكل خاص.
دمتم بصحة وعافية وفي حفظ الله تعالى.

الدكتور علاء الدين الخاني 
اختصاصي في أمراض الغدد الصم والسكري