المقالات
الروماتيزم بين الدواء والجراحة: متى نلجأ لكل خيار؟
يعتبر الروماتيزم مظلة تضم تحتها العديد من الاضطرابات التي تصيب المفاصل والعضلات والأنسجة الضامة، والتي تتفاوت في شدتها وأعراضها ومضاعفاتها، لكنها تشترك في سمة واحدة: الألم المزمن والتأثير العميق على جودة الحياة. ومع التقدم الطبي، لم يعد الروماتيزم محكوماً بالعجز، بل أصبح قابلاً للسيطرة والعلاج بشرط الوعي والتشخيص المبكر والمتابعة المنتظمة.
ما هو الروماتيزم؟
- يشير مصطلح الروماتيزم إلى مجموعة واسعة من الأمراض الالتهابية والمناعية والتنكسية، من أبرزها:
- التهاب المفاصل الروماتويدي (Rheumatoid Arthritis): مرض مناعي ذاتي يهاجم المفاصل مسبباً التهاباً وألماً وتورماً قد يؤدي إلى تشوهها بمرور الوقت.
- الذئبة الحمامية الجهازية (Systemic Lupus Erythematosus): اضطراب مناعي يصيب الجلد والمفاصل وأعضاء داخلية كالكلية والقلب.
- الفُصال العظمي (Osteoarthritis): ينتج عن تآكل الغضاريف مع التقدم بالعمر أو نتيجة جهد مزمن على المفاصل.
- النقرس (Gout): يحدث بسبب تراكم بلورات حمض البول داخل المفاصل، مسبباً نوبات ألم شديدة ومفاجئة.
الأسباب والعوامل المساعدة
تختلف الأسباب باختلاف نوع المرض الروماتيزمي، لكن العوامل الشائعة تشمل:
- المناعة الذاتية: خلل في الجهاز المناعي يجعله يهاجم أنسجة الجسم السليمة.
- التغيرات التنكسية: تآكل الغضاريف مع التقدم في العمر أو نتيجة إصابات متكررة.
- العوامل الوراثية: وجود استعداد جيني يجعل بعض الأفراد أكثر عرضة للإصابة.
- العوامل البيئية: التدخين، نقص فيتامين D، العدوى المزمنة، والتعرض للشدة النفسية كلها تلعب دوراً في تحفيز أو تفاقم المرض.
أعراض الروماتيزم
تتنوع الأعراض بين مرض وآخر، وتُعدّ إنذاراً مبكراً يستدعي استشارة الطبيب المختص لتفادي التلف الدائم في المفاصل أو الأعضاء الداخلية، ومن أكثر الأعراض شيوعاً:
- آلام وتيبّس المفاصل، خاصة في ساعات الصباح الأولى.
- تورم المفاصل وصعوبة الحركة.
- الشعور بالإرهاق العام ونقص الطاقة.
- وفي بعض الحالات: طفح جلدي، تساقط الشعر، ارتفاع الحرارة، ضيق النفس أو اضطرابات عصبية.
التشخيص
يعتمد التشخيص الدقيق على التكامل بين الفحص السريري والتحاليل المخبرية والتصوير الشعاعي، وتشمل الفحوص عادة:
- تحاليل الدم مثل سرعة التثفل (ESR) والعامل الروماتويدي (RF) والأجسام المضادة (ANA, Anti-CCP).
- صور الأشعة أو الرنين المغناطيسي لتقييم حالة المفاصل والعظام.
- التشخيص المبكر هو حجر الأساس في السيطرة على المرض قبل أن يسبب مضاعفات دائمة.
العلاج والرعاية المتكاملة
لا يوجد علاج شافٍ نهائي للروماتيزم، لكن الهدف من العلاج هو السيطرة على الالتهاب، تخفيف الألم، ومنع التلف المفصلي. ويشمل العلاج ثلاثة محاور:
- العلاج الدوائي:
مضادات الالتهاب لتخفيف الألم.
الكورتيزون في الحالات النشطة.
الأدوية المثبطة للمناعة (مثل الميثوتركسات).
العلاجات البيولوجية الحديثة التي تستهدف جزيئات محددة في الجهاز المناعي، وقد أحدثت ثورة في علاج الأمراض الروماتيزمية. - العلاج غير الدوائي:
العلاج الفيزيائي والتمارين المنتظمة للحفاظ على مرونة المفاصل.
التغذية المتوازنة الغنية بالكالسيوم وفيتامين D.
الدعم النفسي والاجتماعي، إذ إن الجانب النفسي يلعب دورًا مهمًا في تحسن المريض. - التدخل الجراحي:في المراحل المتقدمة، قد يُحتاج إلى استبدال المفصل أو ترميمه لاستعادة الحركة وتقليل الألم.
ختاماً
لا يعتبر الروماتيزم ليس نهاية الطريق، بل بداية رحلة تتطلب وعياً وصبراً والتزاماً بالعلاج، مع التأكيد دوماً على إن إدراك المريض لطبيعة مرضه، وتعاونه مع طبيب الروماتيزم وفريق الرعاية الصحية، هو المفتاح للحفاظ على الحركة، الاستقلالية، وجودة الحياة. فكلما كان التشخيص أبكر والرعاية أشمل، كانت الحياة مع الروماتيزم أكثر راحة واستقراراً.
الدكتورة بلقيس عبد الرحمن
اختصاصية في أمراض المفاصل والروماتيزم
