المقالات
الجراحة الانكسارية لتصحيح النظر: رؤية أوضح بلا نظارات
يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من اضطرابات انكسارية في الإبصار، مثل قِصر النظر (الحسر)، وطول النظر (المد) والانحراف، ما يؤثر على جودة حياتهم اليومية وقدرتهم على ممارسة أنشطتهم بسهولة. وبينما ظلت النظارات والعدسات اللاصقة حلاً شائعاً لعقود، فإن التطور السريع في طب العيون أتاح خيارات جراحية آمنة وفعالة، تمنح المريض حرية أكبر واستقلالية عن الوسائل التقليدية لتصحيح البصر.
ما هي الجراحة الانكسارية؟
الجراحة الانكسارية هي مجموعة إجراءات جراحية تهدف إلى تصحيح العيوب الانكسارية في العين، أي تعديل الطريقة التي يدخل بها الضوء إلى العين لينعكس بدقة على شبكية العين، وتُصمم هذه العمليات خصيصاً لتقليل الاعتماد على النظارات أو العدسات، أو الاستغناء عنها تماماً، وتنقسم الجراحات الانكسارية إلى ثلاث فئات رئيسية، يُختار بينها بحسب حالة العين والعمر واحتياجات المريض.
أولاً: جراحات القرنية بالليزر
تشمل هذه الفئة تقنيات معروفة مثل الليزك والفيمتو ليزك والفيمتو سمايل والليزر السطحي، وتعتمد على إعادة تشكيل سطح القرنية باستخدام أشعة الليزر، بحيث يُعدل مسار دخول الضوء إلى العين ليسقط بدقة على الشبكية، مما يحسّن الرؤية بشكل واضح.
وتتميز هذه العمليات:
- سرعة إجرائها، إذ غالباً لا تستغرق أكثر من بضع دقائق.
- فترة تعافٍ قصيرة، ونتائج تظهر خلال أيام قليلة.
- مناسبة للأشخاص الذين يتمتعون بقرنية سليمة وسماكة كافية، ولا يعانون من أمراض عينية أخرى.
ثانيًا: زرع العدسات مع الحفاظ على العدسة الطبيعية
في هذه التقنية، يتم زرع عدسة صناعية مثل عدسة( ICL) داخل العين بين القزحية والعدسة الطبيعية، دون الحاجة لإزالتها، ويُفضل هذا النوع من الجراحات للمرضى الذين لا تناسبهم عمليات الليزر، إما بسبب ارتفاع درجات قصر النظر أو بسبب رقة القرنية.
وتتميز هذه العدسات بقدرتها على تصحيح النظر بدقة عالية، مع إمكانية إزالتها في المستقبل أو استبدالها إذا دعت الحاجة، ما يجعلها خياراً مرناً وآمناً.
ثالثاً: استبدال العدسة الطبيعية
تشبه هذه الجراحة عملية إزالة الماء الأبيض (الساد)، حيث تُستخرج العدسة الطبيعية من العين وتُستبدل بعدسة صناعية مناسبة. يُنصح بهذا النوع من الجراحات خصوصاً للأشخاص الذين تجاوزوا سن الأربعين، ويعانون من درجات عالية من قصر أو طول النظر، أو لديهم بدايات لتكوّن الماء الأبيض.
الميزة الكبرى لهذه الجراحة أنها لا تعالج فقط مشاكل الانكسار، بل تقي المريض من تطور الماء الأبيض مستقبلًا.
ختاماً:
يعتبر اختيار الجراحة الأنسب لتصحيح النظر ليس قراراً شخصياً فقط، بل يجب أن يتم بالتنسيق الكامل مع طبيب العيون المختص، بعد تقييم دقيق لحالة العين، وفهم نمط حياة المريض وتوقعاته. وتمثل استشارة الطبيب الخطوة الأولى نحو رؤية أوضح وجودة حياة أفضل، خصوصاً في ظل وجود تقنيات طبية متقدمة وآمنة تعيد للمريض استقلاليته البصرية دون الاعتماد على النظارات أو العدسات اللاصقة.
الدكتور راهي عيسى
اختصاصي أمراض العين وجراحتها
